‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 22 ديسمبر 2016

إشكالية أصل الحضارة الغربية

5:08 م

تعريفان عالَميان لكلمة الثقافة كما نعرفها اليوم، يتناقضان في محطات عديدة من رحلة قراءة التاريخ التي أوصلتنا اليوم إلى تقسيم العالم إلى حضارة غربية وآسيوية وإسلامية وإفريقية، وما إلى ذلك من عناوين عريضة لشعوب بالملايين يتم اختزالها بتعبير واحد.

التعريف الأول لماثيو أرنولد مؤلف كتاب "الثقافة والأناركية" بأنها: "سعيٌ إلى الكمال التام من خلال التعرّف على أفضل الأفكار والمقولات في العالم بشأن كل الأمور التي تهمّنا".
والتعريف الثاني للسير إدوارد برنيت تايلور، مؤلف كتاب "الثقافة البدائية"، والذي يُزعم أنّه أول أعمال الأنثروبولوجيا الحديثة كدراسة شيءٍ يُسمى الثقافة، ويعرّفها بأنها "هذا المركّب الكلي الذي يشمل المعرفة والمعتقد والفنون والأخلاقيات والقانون والعادات، وأي قدرات يكتسبها الإنسان بصفته عضواً في مجتمع".
في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، يناقش الفيلسوف الأميركي  كوامي انثوني أبيا، الذي وُلد في بريطانيا وينحدر من غانا الإفريقية، تعبير "الحضارة الغربية"، معتبراً أن لا وجود تاريخياً لها، وأن العالم كله تناقل عبر القرون "إرثاً ذهبياً" بدأ مع الإغريق ثم الروم ثم المسلمين وصولاً إلى تاريخنا المعاصر.
يعتقد مواكي أن أحد أسباب الالتباس الذي تسببه الثقافة الغربية يأتي من الالتباس بشأن الغرب؛ إذ استُخدم تعبير "الغرب" ليؤدي معاني مختلفةً تماماً.
فالغرب بالنسبة لروديارد كبلنغ، شاعر الإمبراطورية الإنكليزية، هو:"الشرق شرق والغرب غرب، ولن يلتقيا أبداً"، قاصداً أوروبا وآسيا، ومتجاهلاً كل الأمكنة الأخرى، خلال الحرب الباردة، "الغرب" كان جانباً من الستار الحديدي، و"الشرق" كان الجانب الآخر المعاكس والعدو. تغاضى هذا الاستخدام عن معظم أنحاء العالم أيضاً.
أما في الأعوام الماضية، فمصطلح "الغرب" يُقصد به شمال الأطلسي؛ أي: أوروبا ومستعمراتها السابقة في أميركا الشمالية، والمقابل هنا هو العالم غير الغربي في إفريقيا، وآسيا وأميركا اللاتينية -والذي يُسمّى الآن "الجنوب العالمي"- على الرغم من أن الكثيرين في أميركا اللاتينية يزعمون انضمامهم إلى معسكر الغرب.
هذه الطريقة تقسّم العالم كله، لكنها تحفر بدقة خطاً فاصلاً حول الأستراليين والنيوزيلنديين وسكان جنوب إفريقيا البيض، لكي يصبح "الغرب" هنا مرادفاً مبطناً لكلمة "البيض".

الإسلام والغرب


يبدأ كوامي مع الإسلام ويقول: "أحيانًا، يتحدث المفكرون الإسلاميون بطريقة مشابهة، حين يقسمون العالم إلى دار الإسلام، ودار الكفر، فالنقاشات الأوروبية والأميركية اليوم تدور حول ما إذا كانت الثقافة الغربية مسيحية في أساسها".
تعود جذور هذه الهوية إلى 1300 عام وأكثر: 
بالنسبة للمؤرخ الإغريقي هيرودوت، وما كتبه في القرن الخامس قبل الميلاد، فإن العالم كان مقسماً إلى ثلاثة أجزاء، في الشرق كانت آسيا، في الجنوب كانت قارة سماها ليبيا، والجزء المتبقي كان أوروبا.
علم هيرودوت أن البضائع والأفكار يمكنها التنقل بسهولة بين القارات: فقد سافر بنفسه عن طريق النيل حتى أسوان، وعلى جانبي الدردنيل، الفاصل القديم بين أوروبا وآسيا، ويعترف بأنّه تحيّر في فهم "لِمَ الأرض، وهي واحدة، لديها ثلاثة أسماء، كلهنّ لإناث"، لكن، على الرغم من حيرته، هذه القارات كانت بالنسبة للإغريق وورثتهم من الرومان أكبر انقسامات جغرافية في العالم.


western civilisation
لكن، هنا نقطة مهمة: لم يكن ليخطر ببال هيرودوت أن الأسماء الثلاثة ترجع إلى أنواعٍ ثلاثة من الناس، هُم: الأوروبيون، والآسيويون، والأفارقة.
ولد هيرودوت في هليكرناسوس - بودروم التي تقع في تركيا حالياً، لكن محل ولادته في آسيا الصغرى لم يجعله آسيوياً؛ بل ظلَّ يونانياً، وكانت شعوب السلتيك، في أقصى غربي أوروبا، غريبين عنه من الفرس والمصريين.
استخدم هيرودوت كلمة "أوروبي" لوصف شيء ما، لا للإشارة إلى أشخاصٍ، وحتى بعد ألف عام من موته، لم يكُن أحدٌ يتحدَّث عن الأوروبيين بصفتهم شعباً أيضاً.
ثم أعاد الإسلام تشكيل الجغرافيا التي عرفها هيرودوت جذرياً، بعد وفاة النبي محمد عام 632، نجح العرب في غضون 30 عاماً فقط في هزيمة الإمبراطورية الفارسية التي توسعت في آسيا الوسطى حتى وصلت إلى الهند، وفي انتزاع الأقاليم من بقايا روما في بيزنطة.
استمرت الدولة الأموية، التي بدأ حُكمها اعام 661م، في فتوحاتها ب الغرب حتى وصلت شمال إفريقيا وفي الشرق حتى آسيا الوسطى، خضعت شبه الجزيرة الإيبيرية للحكم الإسلامي، قبل أن تعود للمسيحيين عام 1492، أي بعد ما يقرب من 800 عام.
لم يخطط الفاتحون المسلمون لإسبانيا للتوقف عند جبال البيرنيه، وحاولوا في السنوات الأولى التحرك شمالاً، ولكن بالقرب من مدينة تور، في عام 732 ميلادياً، هزم شارل مارتل، جد شارلمان، جيوش الأندلس، وأدت هذه المعركة الحاسمة إلى إنهاء المحاولات العربية لغزو أوروبا.
لاحظ مؤرخ القرن الثامن عشر إدوارد جيبون أنه إذا فاز العرب بمدينة تور، كان بإمكانهم الإبحار في نهر التايمز ببريطانيا.
وفي التاريخ اللاتيني، الذي كُتب عام 754 بإسبانيا، يشير المؤلف إلى المنتصرين في معركة تور بكلمة "Europenses"، أي الأوروبيين.
إذاً، ببساطة، استخدمت فكرة "الأوروبي" لأول مرة للتفريق بين المسيحيين والمسلمين، ففي منتصف القرن الثامن لم تكن غالبية أوروبا مسيحية بعد.

الأوروبيون والغرب


لم يستخدم أحد في أوروبا القرون الوسطى وصف "غربي"؛ السبب الأول: هو أن سواحل المغرب تمتد حتى غرب إيرلندا، والسبب الآخر: أنه كان هناك حكام مسلمون في شبه الجزيرة الإيبيرية -جزء من القارة التي سماها هيرودوت أوروبا- حتى القرن الـ16 تقريباً، لم يكن التناقض الطبيعي بين الإسلام والغرب، بل بين المسيحية والإسلام.
بدءاً من أواخر القرن الـ14، امتد حكم الأتراك الذين بنوا الإمبراطورية العثمانية، تدريجياً في أجزاء من أوروبا، وهي بلغاريا واليونان والبلقان والمجر، ولم تبدأ استعادة أوروبا الشرقية سوى في عام 1529 مع هزيمة جيش سليمان القانوني في فيينا، تلتها المجر وبلغاريا.


western civilisation
استقت الطبقات المثقفة في أوروبا المسيحية العديد من أفكارها من المجتمعات الوثنية التي سبقتها، فقد كتب كريتيان دي تروي، المولود على بعد بضع مئات من الكيلومترات جنوب غربي باريس، في نهاية القرن الثاني عشر، محتفياً بأجداده: "امتلكت اليونان فيما مضى أعظم سمعة في الفروسية والمعرفة"، وأضاف: "ثم ذهبت الفروسية إلى روما، وتبعتها المعارف كافة، والتي جاءت الآن إلى فرنسا".
منذ نهاية العصور الوسطى وحتى الآن، ينظر البعض إلى إبداعات الحضارة الإغريقية والرومانية على أنها إرث حضاري، مُرر كأنه قطعة ذهبية ثمينة استخرجها الإغريق من باطن الأرض، ثم انتقلت بعد غزو الإمبراطورية الرومانية الأراضي الإغريقية إلى روما.
تفرق هذا الإرث الحضاري بين بلاد الفلمنك وفلورنسا وجمهورية البندقية إبان عصر النهضة، وانتشرت بقاياه في بعض المدن مثل أفينيون وباريس وأمستردام وفايمر وإدنبره ولندن، وجُمع أخيراً في أكاديميات أوروبا وأميركا.

فضل الإسلام


هذا الإرث الكلاسيكي كان مشترَكاً مع الثقافة الإسلامية، ففي بغداد عاصمة الخلافة العباسية في القرن التاسع، قدمت مكتبة القصر أعمال أفلاطون وأرسطو وفيثاغورس وإقليدس مترجمة إلى اللغة العربية.
وفي القرون التي أطلق عليها العصور المظلمة، أسهمت أوروبا المسيحية بقدر ضئيل في دراسة الفلسفة اليونانية القديمة، وعندما ضاعت الكثير من النصوص القديمة، حافظ علماء المسلمين عليها.
يرجع الفضل في حجم كبير من فهمنا الحديث للفلسفة القديمة خلال فترة قدماء الإغريق إلى حفاظ العرب على نصوص العلماء الأوروبيين في عصر النهضة.

حرَّضت معركة تور الأوروبيين على الإسلام، ولكنَّ المسلمين في الأندلس، لم يعتقدوا أن القتال من أجل الأرض يعني عدم تبادل الأفكار.
فبحلول نهاية الألفية الأولى، تميزت مدن خلافة قرطبة بالتعايش بين اليهود والمسيحيين والمسلمين من البربر والقوطيين الغربيين والصقالبة والأعراق الأخرى التي لا تُحصى.

لم يكن في بلاط ملك الفرنجة شارلمان حاخامات أو علماء دين مسلمون معترف بهم، إلا أن مدن الأندلس لم تخلُ من الأساقفة والمعابد، وكان ريسموندو، الأسقف الكاثوليكي لإلفيرا، سفير قرطبة لدى الدولة البيزنطية.
وكان رئيس المجمع الطبي للخليفة في قرطبة منتصف القرن العاشر زعيم الطائفة اليهودية حسداي بن شبروط.
أصبحت قرطبة واحدة من أعظم مراكز المعرفة الطبية في أوروبا، ومثلت الترجمة اللاتينية لأعمال ابن رشد -الذي وُلد بقرطبة في القرن الثاني عشر الميلادي– إعادة اكتشاف أوروبا لأرسطو، وقد اشتهر ابن رشد باسم "أفيروس" عند الإفرنج أو بشكل أكثر شيوعاً باسم "الشارح" بسبب شروحاته لأرسطو،
لذا، فإن التقاليد الكلاسيكية التي من المفترض أن تميز الحضارة الغربية عن ورثة الخلافة الإسلامية هي في الحقيقة نقطة تجمع بينهما.
افترض الناس أن الهوية التي يكتب لها النجاة عبر الزمان والمكان لا بد أن تُدفع بواسطة جوهر قوي مشترك، ولكن هذا خطأ ببساطة، يمكننا تخيل كيف كان شكل إنكلترا في عهد تشوسر الملقب بأبو الأدب الإنكليزي الذي توفي قبل أكثر من 600 عام. ومهما كان مزيج التقاليد والأفكار والأشياء المادية التي صنَعت لإنكلترا إنكليزيتها، فلن يكون أي منها مطبَّقاً الآن.
إذاً، فكيف تمكن شعب شمال المحيط الأطلسي وبعض أقاربهم في أنحاء العالم من الوصول إلى مملكة ندعوها "الغرب"؟

من المفيد الاعتراف بأن مصطلح "الثقافة الغربية" حديث جداً، أحدث حتى من الفونوغراف، وبالتالي فإن مفهوم "الغرب"، كتراث حضاري وموضوع للدراسة، لم يظهر حقاً حتى تسعينات القرن التاسع عشر، في أوج الحقبة الاستعمارية، ثم حقق انتشاراً أوسع في القرن الـ20. 

وإذا كانت فكرة "الأمة المسيحية" أثراً لصراع عسكري طويل الأمد ضد القوى الإسلامية، فقد وصل المفهوم الحديث لـ"الثقافة الغربية" إلى شكله الحالي خلال الحرب الباردة.
من أفلاطون وصولاً إلى حلف شمال الأطلسي، كانت الثقافة الغربية، في جوهرها، فردية وديمقراطية وتميل إلى حرية التفكير والتسامح والتقدمية والعقلانية والعلمية، فضلاً عن أن أوروبا ما قبل الحداثة لم ينطبق عليها أي من هذه الأمور، وأنه حتى القرن الماضي كانت الديمقراطية استثناءً في أوروبا.
ويشير نقاد الثقافة الغربية إلى سلبياتها كالعبودية والقهر والعنصرية والنزعة العسكرية والإبادة الجماعية، لكنهم ملتزمون بنفس النظرية "الجوهرية". واليوم، لا يلعب التراث الكلاسيكي دوراً أكبر في الحياة اليومية لمعظم الأميركيين أو البريطانيين. وما يجمعنا، بالتأكيد، هو المعنى الواسع للثقافة لدى تايلور: عادات اللباس والتحية، والسلوك الذي يشكل العلاقات بين الرجال والنساء، وبين الآباء والأبناء.

تدهور أم تطور؟




concert
فكيف قمنا بسد الهوة إذاً؟ كيف استطعنا أن نقول لأنفسنا إننا ورثة أفلاطون عندما يكون محور اهتمامنا هو بيونسيه وبرغر كينغ؟ من خلال دمج النموذج "التايلوري" مع النموذج "الأرنولدي"، عالم الحياة اليومية مع عالم المثل.
يقول تايلور: "الثقافة كلٌّ معقد"، أو ما يطلق عليه "النظرية العضوية"، فهي ليست تجمعاً فضفاضاً من شظايا متفرقة، ولكن وحدة عضوية لكل عنصر، مثل أجهزة الجسم، وكل جزء أساسي لكي يعمل الجسد بهيئته كاملة.
وهناك كليات عضوية في حياتنا الثقافية: الموسيقى، والكلمات، والتصميم، والأوبرا، والتي من المفترض أن تتناغم معاً، إنها عمل فني متكامل، ولكن ليس هناك كلٌ واحد كبير يسمى "الثقافة" التي تجمع عضوياً جميع هذه الأجزاء.
إسبانيا، في قلب "الغرب"، قاومت الديمقراطية الليبرالية جيلين بعد انطلاقها بالهند واليابان في "الشرق"، معقل الاستبداد الشرقي.
ميراث جيفرسون الثقافي -الحرية الإثينية والأنكلوسكسونية- لم يمنع الولايات المتحدة من إنشاء جمهورية الرقيق، قد تجد موسيقى الهيب هوب في شوارع طوكيو، وينطبق الشيء نفسه على المطبخ: البريطانيون استبدلوا الأسماك والبطاطا بدجاج تيكا ماسالا الهندية.

إذا ما تخلينا عن النظرية العضوية، يمكننا أن نتبنى الصورة العالمية، التي يعتبر فيها كل عنصر من عناصر الثقافة، من فلسفة أو مطبخ، منفصلاً من حيث المبدأ عن العناصر الأخرى.
لن يوقف جوهر المسلم من سكان مدينة دار السلام عاصمة تنزانيا عن تبني أي جانب من جوانب الحضارة الغربية، كما لا يوجد "جوهر غربي" يستطيع منع أي من سكان نيويورك، مهما كانت أصوله، من اعتناق الإسلام.

ومن الوهم الاكتفاء بأن إمكانية الوصول إلى قيم أرسطو مثلاً، كما لو أنها قوائم موسيقية لم نستمع لها أبداً، تعطينا الحق في المناداة بها.
القيم ليست حقاً مكتسباً، فهي تحتاج إلى الرعاية باستمرار، والعيش في الغرب لا يقدم أي ضمانة على تبني الحضارة الغربية. تنتمي القيم التي يحلو للإنسانيين الأوروبيين تبنيها، بنفس القدر إلى أي إفريقي أو آسيوي يتبناها بحماسة، من خلال هذا المنطق ذاته، بطبيعة الحال، فهي لا تنتمي إلى الأوروبيين الذين لم يبذلوا جهداً لفهمها واستيعابها، والشيء نفسه صحيح في الاتجاه الآخر.
تخص التقاليد "الغربية" من يهتم بها، وثقافة الحرية والتسامح والتفكير العقلاني قيم تمثل خيارات يحق للمرء أن يتبناها، وليست مسارات وُضعت كـ"مصير غربي".

هوية ثقافية


والثقافة -مثل الدين والوطن والعرق- توفر مصدراً للهوية، وقد تصبح شكلاً من أشكال التقييد، أو الأخطاء المفاهيمية التي تدعم الأخطاء الأخلاقية، ويمكن أن تحدد ملامح حريتنا.
يوجد نحو 7 مليارات بشري على كوكب صغير، تتزايد درجة حرارته، ولم يعد الدافع العالمي الذي يحض على وصل إنسانيتنا المشتركة ترفاً؛ بل أصبح ضرورة.
لتلخيص تلك العقيدة، لا أعتقد أنني يمكن أن أجد صياغة أفضل من صياغة تيرينس، عبد سابق من إفريقيا الرومانية ترجم المسرحيات الهزلية اليونانية إلى اللاتينية، وكاتب من أوروبا الكلاسيكية سمى نفسه "تيرينس الإفريقي"، كتب ذات مرة: "أنا إنسان، وأعتقد أن كل البشر ليسوا غرباء عني"، هذه هي الهوية التي تستحق أن نتمسك بها.

ماذا قدمت حضارة ما بين النهرين للعالم

4:39 م

syria and iraq
جميعُنا سمع عن حدائق بابل المعلَّقة وبرج بابل ونبوخذ نصر والطوفان"، هكذا تقول آريان توماس، أمينة قسم آثار الشرق الأوسط في متحف اللوفر.
"وبذلك، كما ترون، فإن بلاد ما بين النهرين (منطقة تتطابق تقريباً مع العراق اليوم)، مألوفة بدرجة أكبر بكثير مما يعتقد البعض".
وبحسب ما نشر موقع BBC فقد اقترب موعد انطلاق معرض "التاريخ يبدأ عند بلاد ما بين النهرين"، وهو معرض جديد لـ5000 قطعة أثرية تقريباً لدى متحف اللوفر في بلدة لنس بشمال فرنسا.
وعبر تغطية 3.000 سنة من تاريخ بلاد ما بين النهرين، يبدأ المعرض باختراع الكتابة في أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد، وينتهي بعام 331 قبل الميلاد، بغزو الإسكندر الأكبر لمدينة بابل.
ويحوي المعرض الكثير من التحف التاريخية الرائعة إلى جانب أعمال فنية بديعة، مثل تمثال من المرمر، يعود لنحو عام 2250 قبل الميلاد، لمسؤول جالس، ويرتدي تنّورة متقنة من الصوف، ذي لحية ورأس محلوق، وعينين مرصّعتين باللازورد.
يُلقي المعرض الأول الضوء على "إعادة اكتشاف" بلاد ما بين النهرين في القرن التاسع عشر، عندما بدأ علماء الآثار أعمال التنقيب في الشرق الأوسط، الذين كانوا مُبيّتي النية لاكتشاف المزيد عن الإمبراطورية البابلية والآشورية المتأخرة لبلاد ما بين النهرين، والتي، حتى ذلك الوقت، كان يتم تذكُرها بشكل رئيسي من خلال الإشارة إليها في الإنجيل والنصوص التراثية.
لم يقوموا فحسب بتحديد موقع العاصمة الآشورية القديمة "خورساباد"، على بُعد أميالٍ قليلةٍ في الشمال الشرقي من مدينة الموصل الواقعة شمال العراق؛ بل اكتشفوا كذلك حضارة السومريين المنسية، الذين بسطوا نفوذهم على الأراضي الجنوبية يوماً ما.

Babel , Ashur
وسرعان ما فتنت فكرة بلاد ما بين النهرين الغرب، "لقد أسرت الخيال الأوروبي؛ لأن الناس رأوا قوى استعمارية تم التعبير عنها في الصور، الأمر الذي كان بإمكانهم إدراكه"، هكذا يفسّر باول كولينز من متحف أشموليان بمدينة أكسفورد، والذي صدر كتابه "الجبال والأراضي المنخفضة: بلاد ما بين النهرين وإيران القديمة"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
"وكذلك، بالطبع، بدت الفكرة كأنها تُلقي الضوء على عالم الكتاب المقدس، لذا كان هناك إحساس بعالم يتسم بالغرابة والاختلاف، لكن إلى جانب تلك السمات الجوهرية أيضاً، والتي كانت مألوفة: الإمبراطوريات والمدن والملوك".
يكشف بث لفيديو في صالة العرض الثانية من معرض لنس إلى أي مدى تسلل ما قد نُطلق عليه "هوس بلاد ما بين النهرين" إلى الثقافة الغربية.

الأراضي الواقعة بين النهرين

 

 
BABEL

بحلول القرن العشرين، أصبحت بلاد ما بين النهرين مادة يتناولها الجميع، من الفنانين والمعماريين (تشهد على ذلك الزخارف الموجودة على مبنى Fred F French، ناطحة سحاب على طراز آرت ديكو في نيويورك)، وحتى المعلنين وصناع الأفلام (خذ مثلاً دور البطولة الذي قام به شيطان بلاد ما بين النهرين، بازوزو، في فيلم رعبٍ عام 1973، The Exorcist). اليوم، بُعثت الروح في بلاد ما بين النهرين من جديد في أوساط الثقافة الشعبية، بفضل نجاح سلسلة ألعاب الفيديو، والحضارة، وشُهرة بازوزو في عالم مارفيل للكوميكس.
وبالأخذ في الاعتبار وفْرة المراجع، من المُغري أن نسأل ما إذا كانت الحضارات القديمة لتلك الرقعة الهائلة، والتي تُطابق غالبية أراضي العراق لكنها كذلك تتضمّن أجزاء من سوريا وتركيا، قد شكّلت عالمنا على نحوٍ أكثر عُمقاً هي الأخرى، أو كما كان يصيغها مونتي بايثون: ما الذي قدمته لنا حضارة ما بين النهرين؟
الإجابة، كما تبيّن، أنها قدّمت الكثير جداً، لكن قبل الخوض في التفاصيل الجوهرية، من المهم أن نعي ما نعنيه ببلاد ما بين النهرين.
كان قدماء الإغريق هُم مَن صكّوا هذا المصطلح، والذي يعني الأراضي الواقعة بين النهرين، وكانوا يقصدون منطقة الطمي المسطحة فيما بين نهري دجلة والفرات، وتُدعى "مهد الحضارة" حيثُ هجر الناس نمط عيش بدائي وأسسوا مجتمعات أكثر استقراراً قائمة على الزراعة، تلك المنطقة التي كانت مُزدهرة بحلول عام 6000 قبل الميلاد.
في زمنٍ ما من العصور القديمة، في أرض السومريين (العراق والكويت اليوم)، اختُرع الري كطريقة لاستغلال أراضي جنوب بلاد ما بين النهرين الخصبة، ومن أجل تنظيم شبكة ترع وقنوات الري، أُنشئ نظام إداري والذي حفّز في حينه على ظهور أول دولة مدنية مثل أوروك (الوركاء)، ثم الممالك، والإمبراطوريات في نهاية المطاف.
الصلة التي ربطت المراحل المختلفة لتاريخ بلاد ما بين النهرين الطويل، كانت منظومة مشتركة من العادات والتقاليد والأساطير والخرافات والمعتقدات الدينية. بعبارة أخرى، ثقافة متميزة ومعقدة.
عقِب قيام السومريين، نحو عام 3200 قبل الميلاد، باختراع الرموز المسمارية –نظام كتابة يشتق اسمه من الكلمة اللاتينية cuneus (وتد)، في إشارة إلى الأشكال المميزة من العلامات التي نقشها الكَتَبة عبر طبع نقشة القلم على ألواح طينية ناعمة والتي كانت تُترك حينها لتجف في الشمس– هذه العادات والمعتقدات حُفظت في نصوص مكتوبة، وكثير من الألواح الرسمية كانت كذلك تُمهر بأختام أسطوانية، وهي أداة تقنية متميزة أخرى لحضارة ما بين النهرين.
"تستند فكرة بلاد ما بين النهرين على مفهوم الكتابة"، كما يوضّح كولينز، ويقول إنه ذلك الإحساس بأن بإمكاننا ربط 3.000 سنة عبر النص المكتوب، كان هناك كتبة وبيروقراطيون حافظوا على ذلك التقليد، رغم صعود وانهيار الإمبراطوريات، ووفود أفكار وأُناس جديدة.
ويكمل أن بلاد ما بين النهرين تُشبه الإسفنجة، في أي وقت يفِد أُناس جُدد على المنطقة، يتشرّبون التقاليد الممتدة لبلاد ما بين النهرين، ونحن نرى الكثير من نقاط الاتصال فيما يخصّ المعتقدات الدينية والممارسات الإدارية.

شعوب متعددة على أرض واحدة


يُشير علماء الآثار إلى اختراعات تقنية مثل عجلة الفخار، بالإضافة إلى تقدمٍ بارز في الرياضيات والطب وعلم الفلك، كما أن الطريقة التي نحسب بها الوقت بتقسيم كل ساعة إلى 60 دقيقة، هي أمرٌ ورثناه من سكان بلاد ما بين النهرين.
حتى إن أول استهلاك موثَّق للجعّة أتى من هذه البلاد، حيث تطورت منتجات الألبان والنسيج أيضاً.

BABEL . SYRIA. ALEPPO . TURKEY
وفقاً لآريان توماس، فإن موقع بلاد ما بين النهرين كان عاملاً مهماً في نجاحها، حيث ارتكزت على رقعة زراعية ضخمة وغنية.
وتشرح آريان ذلك بالقول إن بلاد ما بين النهرين كانت في مركز الشرق الأوسط، وبينما أثبتت تربتها الجافة مدى خصوبتها بالري، فإنها توجب عليها الانفتاح على الخارج بسبب افتقارها إلى موارد مهمة، من بينها الخشب والأحجار والمعادن.
وهو ما يعني أن الحضارات التي قامت في بلاد ما بين النهرين كانت حيوية ومتطلعة إلى الخارج.
ويتعقب بول كولينز في كتابه الجديد، التفاعلات التي جمعت بلاد ما بين النهرين بشعوب مرتفعات إيران حالياً.
كانت جبال زاغروس غنية بالنحاس والذي يُمكن استخدامه في صناعة بعض الأدوات والأسلحة، بالإضافة إلى الرصاص والفضة والذهب كذلك.
ويضيف كولينز أنه عادةً ما صُنعت آثار بلاد ما بين النهرين العظيمة وزُينت بمواد أتت من إيران، في إشارة إلى الزقورات المبنية من الطوب اللَّبِن، ذات الارتفاع الكبير، والتي تميزت بها مدن بلاد ما بين النهرين (خصوصاً بابل)، والتي مثلت مصدر الإلهام في بناء برج بابل، (وللأسف، قام مؤخراً تنظيم "الدولة الإسلامية" بالتسبب في أضرار غير قابلة للإصلاح للعديد من المعالم المهمة في بلاد ما بين النهرين).
رغم ذلك، يعتقد كولينز أن وضع قائمة بالاختراعات التي قام بها سكان بلاد ما بين النهرين يمكن أن يؤدي إلى نظرة مشوهة للتاريخ، قائلاً باستخفاف: "دائماً ما يُنسب إلى السومريين اختراع كل شيء". وبدلاً من ذلك، يقول كولينز إن علماء الآثار يجدون الآن أن التركيز على "القوى" التي أثرت في حضارة بلاد ما بين النهرين من الخارج هو أكثر قيمة.
ويشرح ذلك قائلاً: "كانت بلاد ما بين النهرين بوتقة انصهار تحفل بسكان مختلطين"، متابعاً: "تحدث الناس لغات مختلفة، ومن المحتمل أنه كان لدى كل منهم تقاليد ثقافية كامنة. لذا، فإن الناس عادة ما يفكرون بشكل بسيط في (السومريين) أو (الآشوريين)، بينما يكون ما نتحدث عنه بالطبع هو مجتمع أكثر تعقيداً".
بالنسة لكولينز، فإن إسهام بلاد ما بين النهرين الأكثر أهمية في العالم الحديث يتمثل في المدينة، حيث يُمكن لكل هذه التفاعلات الحيوية أن تحدث.
إذ يقول: "على مدار عدة قرون، رأينا تطوراً للمراكز الحضرية الضخمة، التي تضم آلافاً من البشر يعيش بعضهم برفقة بعض". ويضيف أنه "لا يمكننا أن نُحدد على وجه الدقة، إلى الآن، ما الذي يدفعهم للعيش معاً، فثمة العديد من العوامل المُمكنة، مثل البيئة أو الاحتياج لإدارة الموارد".
ويضيف: "في النهاية، يمكننا أن نتحدث عن مجموعة من الأشخاص البارزين الذين دفعوا أو شجعوا الشعب لدعمهم. لذا، فإن العوامل نفسها التي نراها في السياسة الحديثة يمكن أن تمثل أساس الأشياء العامة التي نراها في علم الآثار".
ويتابع: "لكن بمجرد تأسيس المدن، فإن الأمر لا يتوقف أبداً، توفر بلاد ما بين النهرين الدليل الأول الذي نمتلكه عن أناس شَغَلتهم الأسئلة نفسها التي ما زلنا نحاول الوصول لإجابات لها حتى اليوم".
كيف يُمكن أن تدير أعداداً كبيرة من البشر يعيشون معاً؟ كيف يمكنك إطعامهم؟ كيف يمكنك أن تتعامل مع الزيادة السكانية؟ وأي تكنولوجيا، مثل الأدوات الإدارية للكتابة والأختام الأسطوانية، يمكنها أن تتيح لك خلق تراتبيات ومعنى ما في المجتمع، حتى تتمكن من إيجاد حس بالهوية الجمعية؟ ولذا فإن المدن، على النحو الذي نفكر به الآن، هي الإرث الأعظم لبلاد ما بين النهرين.

أقدم 10 مدن مأهولة في الشرق الأوسط

3:19 م
في العام 2012، تحولت مدينة حلب إلى ساحة قتالٍ رئيسية عندما شنَّت قوات المعارضة السورية هجوماً يهدف إلى طرد جيش نظام بشار الأسد والمليشيات المساندة له من المدينة.
وحتى اليوم تعيش المدينة دماراً بسبب تبادل الهجمات بين قوات النظام السوري والمعارضة، فهل تصمد حلب وتحافظ على 4300 سنة من الحضارة قبل الميلاد؟
المدينة السورية ليست الوحيدة التي لها تاريخ عريق، إذ يعود تاريخ مدنٍ عربيةٍ أخرى إلى آلاف السنين.
موقع صحيفة The Telegraphالبريطانيّة نشر تقريراً يستعرض 20 منها حسب تصنيف اليونسكو:

1) أريحا - فلسطين: 9000 قبل الميلاد


JERICHO-HISTORY
تقع على الضفة الغربية لنهر الأردن، وتعتبر البوابة الشرقية لفلسطين، ومنذ القدم كانت تعبر عليها القوافل التجارية والغزوات الحربية التي كانت تتجه غرباً نحو القدس، وشرقاً نحو عمان. وعدد سكانها الآن يبلغ حوالي 200 ألف نسمة.
وتعرف بمدينة النخيل، فكلما تجولت في أراضيها الصحراوية تجد الواحات الخصبة الجميلة وأشجار النخيل وهي أخفض مدينة على وجه الأرض، فهي تقع على بعد 800 قدم تحت سطح البحر.
في العام 1867، عثر عالم آثار بريطاني على عمود ارتفاعه 20 قدماً اتضح بعد ذلك أنه كان جزءاً من سور عظيم كان يحمي المدينة. ووجد أيضاً تراكمات للطوب وغيره عند قاع التل، ترمز لهذا السور، وقد وجد بها بقايا وآثاراً لعشرين مستوطنة عاشت على أرضها يرجع تاريخها لـ11 ألف سنة.

2) جبيل - لبنان: 5000 قبل الميلاد


BYBLOS-HISTORY

تعد من أقدم المدن المسكونة في العالم تقع على بعد 37 كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة  اللبنانية بيروت، وتعتبر من أشهر المواقع الأثرية في منطقة الشرق الأوسط.
كانت تعرف باسم Gebal من قبل الفينيقيين وByblos من جانب اليونان، نسبةً لورق البردي الذين كانوا يقومون باستيراده من هذه المدينة.
وما زالت توجد بها آثار عديدة مثل المعابد الفينيقية وقلعة Byblos وكنيسة تم بناؤها من قبل الصليبيين في القرن الـ 12، وما زال يوجد بها سور المدينة في القرون الوسطى.

3) حلب - سوريا: 4300 قبل الميلاد

 

ALEPPO-HISTORY

وتعد حلب واحدة من أقدم وأعرق المدن في العالم على الإطلاق. كانت تحت قبضة الحيثيين (شعب هندوأوروبي سكنوا بآسيا الصغرى وشمال بلاد الشام منذ 3000 ق.م) حتى 800 ق.م.
ومرت المدينة بسلسلة عصور، حيث وقعت تحت يدي الدولة الآشورية واليونانية والفارسية والرومانية والبيزنطية واليونانية، ووقعت تحت يد العرب والصليبيين والمغول والعثمانيين.
وتم ذكرها في المخطوطات المصرية التي يعود تاريخها إلى القرن الـ 20 قبل الميلاد. وعثر في قلعة حلب الشهيرة على آثار معبد يعود تاريخه للألفية الثالثة قبل الميلاد.
ويبلغ عدد سكانها الآن حوالي 4.4 مليون نسمة.

4) دمشق - سوريا: 4300 قبل الميلاد

 

DAMASCUS-HISTORY

تقع دمشق في منطقة الجنوب من البلاد على حوض دمشق من النّاحية الغربيّة، وعدد سكّانها نحو مليون نسمة، كانت مركزاً سياسياً واقتصادياً معروفاً ومشهوراً في القدم.
وكانت المدينة قديماً عاصمة للكثير من الحضارات الّتي مرّت على سوريا على مرّ التّاريخ - علماً بأنها أقدم عاصمة في تاريخ البشرية -، فكانت دمشق عاصمة للدّولة الأمويّة الكبيرة وقاومت الآشوريين في القدم، ولكنهم دمروها عام 732 ق.م.
وكانت أيضاً مركزاً دينياً يتمتع بنفوذ واسع. ومن أهم الآثار بها الجامع الأموي، الذي يحوي  ثلاث مآذن وأربعة أبواب وقصر العظم الذي يعود بناؤه إلى أسعد باشا العظم. وقلعة دمشق، التي تسمّى بقلعة صلاح الدّين الأيّوبي.
وقبر صلاح الدّين الأيّوبي والكنيسة المريمية ومتحف الخط العربي وقصر نعسان ومتحف دمشق التّاريخي والمكتبة الظاهريّة ومرقد السيّدة رقيّة.

5) سوسة - إيران: 4200 قبل الميلاد

 

SUSA-IRAN-HISTORY

كشفت الحفريات أن مدينة سوسة كانت مأهولة بالسكان منذ العام 4200 ق.م، وهي مدينة تاريخية تقع في محافظة خوزستان.
وكانت عاصمة الامبراطوريات العيلامية والبارثية، وهناك قلعة لا تزال موجودة إلى الآن تعود  لهذه الفترة. وتعتبر سوسة واحدة من أهم مدن الشرق الأدنى القديم.
وقد دمر الملك الآشوري آشور بانيبال سوسة بين عامي 640 إلى 645 قبل الميلاد، للانتقام  من العيلاميين وجعلها عاصمة للامبراطورية الفارسية. ولا تزال المقبرة المشهورة للنبي دانيال الذي مر على أراضيها موجودة، وتتم زيارتها في سوسة إلى الآن.
كان الاسم اليوناني للمدينة سوسا والعبرية، شوشان. وأُدرجت شوشان على لائحة التراث العالمي سنة 2015.

6) الفيوم - مصر: 4000 قبل الميلاد

 

FAIYUM-HISTORY

تقع في منطقة الصعيد، ويرجع وجود الفيوم إلى عصور قديمة، فيُعتقد أنّ هناك حضارة خاصة بهذه المنطقة نشأت على أرضها، وعلى ضفاف بحيرتها، ومما وجد في الحفريّات في  هذه المنطقة بقايا لحيوانات مثل الفيل والحيتان والقرود وبعض الفقاريّات المُنقرضة، ومُنها الديناصورات مثل ديناصور الفيوم أو باراليتيتان.

7) صيدا - لبنان: 4000 قبل الميلاد

SIDON-LEBANON-HISTORY

كانت هناك أدلة على أن صيدا كانت مأهولة بالسكان 4000 ق.م، في العصر الحجري الحديث الذي يمتد بين (4000 و6000 ق.م).
ويقال إن صيدا تجاوزت في ثروتها وتجارتها وأهميتها الدينية كل مدن الدولة الفينيقية  الأخرى.
واشتهرت في الحقبة الفينيقية بصناعة الزجاج الذي انتشر بمعدل كبير، وكذلك صناعة الصمغ الأرجواني.
تتواجد على بعد حوالي 25 ميلاً من بيروت في الجهة الجنوبية. وكانت تعد قاعدة لامبراطورية البحر الأبيض المتوسط الفينيقية.
واستولى الإسكندر الأكبر على المدينة عام 333 قبل الميلاد.
وقد تم نهب وسرقة الكثير مما يتعلق بتاريخ هذه المدينة بشكل مأساوي، ففي القرن التاسع عشر سرق اللصوص وبعض علماء الآثار الكثير من كنوزها الهامة ورحلوا، وترى الآن في المتاحف الأجنبية بعض الآثار الخاصة بمدينة صيدا.

8) بلوفديف - بلغاريا:

PLOVDIV-BULGARIA-HISTORY

 

هي ثاني أكبر مدينة في بلغاريا ويرجع تاريخ هذه المدينة إلى 4000 ق.م في العصر الحجري الحديث، وهي واحدة من أقدم مدن العالم، وأقدم مدينة مأهولة بالسكان في أوروبا حتى إنها أقدم من أثينا.
وكانت بلوفديف عاصمة لأبرشيات الامبراطورية البيزنطية وأصبحت مدينة رومانية معروفة باسم فيليوبوليس على اسم الملك فيليب الثاني المقدوني. وغزا والد الإسكندر الأكبر المدينة عام 342 قبل الميلاد ووقعت أيضاً في أيدي العثمانيين وفي النهاية أصبحت جزءاً من بلغاريا.
وما زالت المدينة حتى الآن تشهد آثاراً يرجع تاريخها لتلك العصور مثل الأعمدة الرومانية والمسرح الروماني والحمامات العثمانية والمتحف الإثنوغرافي.
ويعتبر شارع سابورنا من أهم الشوارع التي يقصدها السياح عند زيارة البلد ففيه مثلاً معرض الحرفيين الذي توجد به العربات والمحاريث القديمة.

9) غازي عنتاب - تركيا: 3650 قبل الميلاد

GAZIANTEP-TURKEY-HISTORY

تقع في جنوب تركيا، على مقربة من الحدود مع سوريا.
وقد سميت بـ "باريس الشرق" بسبب تاريخها العريق وثقافتها واقتصادها المزدهر، فهي مليئة  بالقلاع والمساجد القديمة وأسواق النحاس ومتحف الفسيفساء والدواجن والحمامات العامة والحلويات اللذيذة كالبقلاوة والفستق والبن المحمص.
وهي سادس أكبر مدينة في تركيا من حيث عدد السكان وتحتل المركز الأول من حيث معدل الصناعات والتنمية.
وهي أقدم المراكز الثقافية في جنوب شرق الأناضول، فيعود تاريخها إلى 4000 ق.م . ونشأت فيها الحضارة بين بلاد ما بين النهرين والبحر الأبيض المتوسط.
وقد شهدت الكثير من العصور كالعصر الحجري القديم والحديث والحيثيين والآشوريين والفارسيين وعصر إسكندر الأكبر والرومانيين والبيزنطيين والعثمانين.
ولا تزال الآثار الخاصة بهذه العصور موجود حتى الآن.

10) بيروت - لبنان: 3000 ق.م

BEIRUT-LEBANON-HISTORY

هي عاصمة لبنان، وتعتبر المركز الثقافي والاقتصادي لها. واستقر السكان بها 3000 ق.م ويرجع تاريخها إلى 5000 عام.
واكتشفت الحفريات الفينيقية والإغريقية والرومانية بها والعديد من الآثار العربية والعثمانية،  كما ذكرت في رسائل إلى فرعون مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
وتعرضت لبنان لحروب أهلية وصراعات في العصر الحديث، كان من المتوقع أن تؤثر على السياحة بشكل كبير، إلا أن السياح ما زالوا يقصدون هذا البلد الذي يتمتع بمعالم سياحية رائعة