الخميس، 22 ديسمبر 2016

رسالة الى جابر

رسالة لو قرأها الشاب جابر


ربما تسأل أيها القارئ الكريم من هو الشاب جابر الذي كنت أتمنى أن يقرأ هذه الرسالة قبل أن يرحل عن دنيانا؟ وللإجابة على سؤالك، أدعوك أن تقضي وقتاً هادئاً تقرأ فيه الرسالة التالية:‪

"عزيزي جابر، كنت أتمنى أن تقرأ هذه الكلمات قبل أن تودع عالمنا، تاركاً الكثير من التساؤلات خلفك حول ما فعلته وما كنت تنوي فعله. كنت في ريعان شبابك وكانت الحياة أمامك لتحقق طموحاتك وتدرك أحلامك البريئة التي كانت تشغل مخيلتك أثناء طفولتك. ولكني لست أعلم من علَّمك تقديس الموت وجعلك تبحث عنه. كما أنني لست أعلم لماذا مجّدت الموت واعتبرته غاية تتمحور حولها كل حياتك!

تُرى، ما الذي أعمى ذهنك وقلبك عن أن ترى حقيقة أنك تقود نفسك إلى التهلكة، مدفوعاً بحب الموت وكراهية الحياة؟! لماذا ظننت أن الطريق إلى جنات النعيم هو الموت في سبيل الله من خلال قتل نفسك والآخرين من حولك؟ ألم يكن الأجدر بك أن تحيا لله وللآخرين، مقدراً قيمة الحياة التي وهبك إياها؟! ولمَ شعرت أن حياتك رخيصة وتافهة، فأردت التخلص منها بهذه السهولة؟!

كيف فكَّرت في أن تتحول إلى "ذئب منفرد" يسوقه فكر مظلم نحو مصير حالك السواد؟ كيف خدعوك ونزعوا براءتك وجعلوك تحب مشاهد الموت والتفجير والدمار وغيرها؟ كيف اقتنعت أن تكره بلدا فتح أبوابه أمامك لينقذك من لهيب جحيم الحرب الدائرة في موطنك ويعطيك فرصة ثانية للحياة؟

كم تمنيت لو أنك تفحصت بتدقيق ما كنت تسمعه من أئمة غسلوا دماغك بحب الموت في سبيل الله بدلًا من حب الحياة في سبيله!

كنت أتمنى لو أنك عرفت أن التزامك الديني مختلف كل الاختلاف عن التمتع بعلاقة حقيقية مع الله أساسها الحب له وللآخرين من حولك!

كنت أود لو أنك اجتهدت في حياتك لتحقق أهدافاً نبيلة كنقاوة القلب والحواس والفكر من كل ما يسلبك إنسانيتك، وحينئذ تجد لحياتك معنى وهدفاً أسمى. كنت أتمنى أن تترك خلفك إرثاً مشرقاً يستلهم منه الشباب القدوة في الحياة. كنت أود أن لا تكتب بيدك قصة حياتك ولا تدع آخرين يكتبونها لك، بل الأحرى أن تُسلِّم حياتك لله وتدعه يكتب قصة حياة خالدة لا تنتهي بموتك".

عزيزي القارئ، جابر البكر هو لاجئ سوري يبلغ من العمر 22 عاماً كان يقيم في ألمانيا. تمكنت الشرطة الألمانية من القبض عليه بمساعدة ثلاثة لاجئين سوريين في أعقاب اكتشاف متفجرات بمكان إقامته في مدينة كمنيتس بولاية ساكسونيا. كان يشتبه بتخطيطه لتنفيذ تفجير في أحد مطارات برلين. ورصدت الأجهزة الألمانية سفره مرتين إلى تركيا ليقصد منها مدينة إدلب قرب حلب ‏السورية، حيث تطوَّع مع "الخوذات البيضاء" (فرق الطوارئ) في إدلب بسورية. لكن بعد القبض عليه في ألمانيا، أسدل اللاجئ السوري الستار على حياته بنفسه، حيث عُثر عليه مشنوقاً داخل زنزانته في مدينة ليبزج الألمانية.

هذا هو الشاب الذي كنت أود أن يقرأ هذه الرسالة. لكن المُحزن أنها لم تصله ولم تسنح الفرصة له لكي يقرأها قبل أن يدمر حياته بنفسه... تُرى، هل ستصل هذه الرسالة لشاب آخر؟! أنا شخصياً أتمنى!

*الصورة: شرطي ألماني أمام مبنى سكني بعد العثور على مواد متفجرة في محل إقامة السوري جابر البكر/وكالة الصحافة الفرنسية.
المصدر : http://www.irfaasawtak.com/
,

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق