الخميس، 22 ديسمبر 2016

حتى لا يصبح الأطفال عالة على أهلهم

بقلم نورة شنار:

يمكننا قياس المعرفة عند الشعوب في أي بقعة بهذا الكون وأنهم في تطور فكري من خلال إتمامهم للتعليم. لكن هل يعني ذلك أن تخصص الدولة أكثر ميزانيتها لكي تنفقها على التعليم؟ أم تعطي الرفاهية لطلابها أم للمعلمين؟

لا شك أنني أقع في حيرة وحرج حين أتحدث عن هذا التدني في مستوى التعليم لدينا، مع أننا من أمة "إقرأ" ونتعلم حسب المفاهيم الشرعية، لكننا لم نطبق حرفاً واحداًّ!

كل ما نتعلمه هو تلقين لا تطبيق. فلماذا نتعلم إذاَ؟

بالرغم من هذا التدني من التعليم، إلا أننا نجد في عطلة إجازة الصيف ينام عقل الطالب والمعلم فيها طويلاً عما تعلم، وكأننا نتقدم إلى الخلف.

ليس الدين هو التعليم، فهناك عازل بينهما. فالدين هو اعتناق وعبادات يمارسها الإنسان لربه في كل ثانية ودقيقة. أما التعليم فهو تغذية العقل بكل العلوم. وقد يتخلى عنها البعض ويصبح فقيرا عنها. ومعظم التعليم في العالم لا يخلط الديانة بالتعليم، حتى تنضج هذه العقول الصغيرة وتصبح مدركة لكل ما وجد في الطبيعة.

أين تعلمينا من علوم الإنسانية وعلم الثقافة والفنون؟

نحتاج إلى مناهج تجعل الطالب يتلقى الدروس من دون ملل حتى يشعر بمتعة. فحتى في أدبنا شيء يجعل الطالب ينفر من حفظه وقراءته. وعندما نتصفح الكتب الأدبية القديمة نجد أن ما اختير لنا في هذه المناهج واقتبس لم يكن موفقا. فالست سنوات الأولى في مرحلة الدراسة ينمو الطالب على "قال الله ورسوله"، ورغم هذا لم نجد في كل دفعة تتخرج من هذه المرحلة أنها تربت على ما تم تلقينهم إياه. وهو ما يقودنا إلى التساؤل: إذن ما الفائدة؟ أليست هي وزارة التربية والتعليم!

عُرف عنا أننا بارعون في فصل التوائم. ليس بفضل تعليمنا، بل بفضل تعليم كندا التي خرّجت وزيراً للصحة "عبد الله الربيعة". فتم بحمد الله فصل التوأم الغير متشابه (التربية عن التعليم) حتى لا نوهم العالم أن من علمهم هو من رباهم؛ فالتربية تقع على عاتق الأبوين.

تعليمنا يتربع عليه الدين الذي يجهله عامة الناس ويعممه بالتقاليد. فالدين الذي يُدرّس في المدارس قد لا يطبق فقط للمعلومية. فلماذا لا تكون المناهج قريبة من الواقع والحقيقة؟ لماذا لا يكون هناك مناهج جديدة باسم الثقافة الإسلامية مضمونها الدين الإسلامي مع احترام كل الأديان والمذاهب؟ ومن هنا نستطيع أن نغرس في عقولهم التسامح بدلاً من تفعيل برامج تحرض على الكفار المسالمين.

ومقولة د. طاهر ميسرة في لقاء تلفزيوني أن "ثلاثة آلاف حصة دين في منهج كل طالب سعودي لم تنفعهم ولم تنتج إنسان له دور حضاري، فما الخلل؟" هي تساؤل في محله. ولا نزال نطمح أن نجد حلة جديدة من خادم للتعليم حقيقة بدلا من "معالي الوزير" الذي يصنع لنفسه كرسي و"بشت".

تفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس قد يكون سندا في بناء المجتمع، لكنه استغل بشكل سلبي في جعل اللامنهجية تنحصر في محاضرات دينية، وكأنهم يريدوا أن يخرجوا كل الطلاب دعاة!

فالمحاضرات هي لا توعوية، بل تشدد وغلو في الدين. وزرع المحاضرات -مثل التي نجد محتواها "كيفية تكفين الميت" ومحاضرات عن المجاهدين في الشيشان وأفغانستان- ماذا سوف تزرع في قلب الطالب بعد ما شاهد أن النفس رخيصة وسوف تدفن وتدفع قلبه للخوف بعد هذه المشاهد فيحاول أن يصبح بعد غد مجاهدا؟

العجيب في كل ذلك أن يستغل بعض المعلمين أوقات فراغهم في سماع محاضرات لوعاظ الترهيب في الدين.

الواجب علينا أن نحجب هذه الفعاليات في المدارس. فالطالب عليه أن يعي أمورا كثيرة، مثل أن يحب وطنه ويتعايش بعيداً عن التحريض والتعصب في الدين بمفعول التعليم، وحتى لا يصبح هؤلاء الأطفال بعد هذا التعليم شرا على أهلهم. هنا أكون قد وضعت النقطة.

عن الكاتبة: نورة شنار، ناشطة اجتماعية سعودية ومحررة في موقع (أنثى) الإلكتروني. حاصلة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال. تنشر مقالاتها في صحيفة إيلاف الإلكترونية. ظهرت في عدة لقاءات تلفزيونية على قنوات عربية وخليجية مختلفة. صدر لها: كتاب (قهوتي مرة) و(تويتات من قفص المغردين) بجزأين، والذي حمل جزؤه الثاني توقيع الأمير الوليد بن طلال.
,

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق